صندوق الدنيا.........بقلم : أحمــد بهجــت......الثلاثاء 21/10

صندوق الدنيا
بقلم : أحمــد بهجــت

كلمات عميقة
<table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=70 align=left border=0><tr><td align=middle></TD></TR></TABLE>الذنوب جراحات‏..‏ ورب جرح وقع في مقتل‏.‏ لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة له‏.‏ هذه بعض كلمات الإمام شمس الدين بن قيم الجوزيه في كتابه‏(‏ الفوائد‏).‏ انه يلخص الذنوب في كلمة واحدة فيقول الذنوب جراحات‏..‏ أي انها جراح‏.‏ والأصل في الإنسان انه لايري الذنوب علي حقيقتها كجرح ينزف منه‏,‏ إنما يراها في معظم الأحيان كسبا يكسبه أو أملا يسعي إليه ولولا تصوره هذا ما أقدم عليها بكل هذا التدبير والتخطيط‏.‏ يتوهم الإنسان حين يتجمل له الذنب انه أمام كسب سوف يناله‏,‏ ولقد أشار الله تعالي إلي هذا التوهم في قوله سبحانه‏:‏ بلي من كسب سيئة واحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏.‏ ومثلما يشير الحق تبارك وتعالي إلي كسب السيئات يشير إلي كونها جراحا مهلكة في قوله سبحانه أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم‏..‏ ساء ما يحكمون‏.‏ وهكذا لاتظهر الذنوب للبشر بوجهها الكئيب الكالح‏,‏ إنما تتجمل للناس عادة وترتدي أقنعة الحسن وتضع علي وجهها طلاء المحبة وترسم علي شفتيها ابتسامة الفرح‏,‏ ثم تخطر في ثياب الإغراء وتفتح لك صدرها وذراعيها تماما مثل خائن يفتح لك ذراعيه ويحتضنك وهو يخبئ في يده خنجرا سيغمضه في ظهرك‏.‏ ومن هنا يحذر ابن قيم الجوزيه قارئه من الذنوب‏,‏ ويشير له إلي حقيقتها كجراح‏,‏ وهو يكمل مقولته بقوله ـ ورب جرح وقع في مقتل ـ لأن أبسط الجراح لو وقع في مقتل كان سببا مؤديا إلي الهلاك‏.‏ بعد شرح حقيقة الذنوب يحدثنا ابن قيم الجوزيه عن أسلوب مواجهتها وأداة هذه المواجهة‏.‏ العقل‏..‏ إن العقل دولة الإنسان‏,‏ وأنظر إلي استعماله للفظ الدولة في هذا المقام‏,‏ إن لفظ الدولة الآن يعني كل مايملكه المجتمع من امكانيات وقدرات وجيوش وأجهزة وقوة‏.‏ ولو خرج العقل من سلطان الهوي عادت الدولة إليه‏.‏ إن الهوي سلطان‏,‏ والعقل سلطان‏..‏ فأنظر أي سلطان تضع نفسك في خدمته‏.‏